الصحف اتهمتها بقتل الناس... 80 عاماً مرت على تصنيع أول سيارة مكيفة

أثبتت دراسة سابقة بأن هواء المكيف يخفض تلوث المقصورة بنسبة 34 بالمئة
أول سيارة مكيفة بتحكم يدوي في الصحافة الأمريكية التي اتهمتها بقتل الناس
أول سيارة مكيفة صنعت قبل 80 عاما في عام1939

عندما نريد أن نشتري سيارة مستعملة قديمة أو كلاسيكية نسأل فوراً «هل بها مكيف؟»، لا أحد اليوم من تأثير تغيرات المناخ الكارثية يستطيع قيادة سيارته في أوقات الذروة أو عز البرد بدون مكيف بارد- ساخن، وحين ينقذنا من البرد أو الحر الشديد، لا بد أن نشكر العبقري الذي اخترع هذا الجهاز العظيم الذي لا غنى للملايين عنه اليوم في سياراتهم مهما كان موديلها.

ويصادف يوم الإثنين، الرابع من نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري، الذكرى الثمانين على اختراع أول سيارة مزودة بنظام التكييف الذي أصبح اليوم من الأساسيات التي لا يمكن الاستغناء عنها في السيارة صيفا وشتاء.

أول سيارة بمكيف صنعت عام 1939 قبل 80 عاماً

ووفق موقع «الإمارات اليوم»، بدأ الاهتمام في علم التكييف، بعد أن لاحظ العالم جون هاديلي عام 1758 أن تبخّر الكحول يعمل على تبريد الشيء الذي كان عليه، وهذه الفكرة كانت حجر الأساس الذي استند إليه العلماء من أجل تحقيق حلم التبريد للمنازل، إلى أن نجحوا فعلياً بصناعة أوّل مكيّف لغرفة داخل منزل عام 1914. وتسارعت خطوات البحث والتطوير في هذا القطاع حتى دخلت المكيفات عالم السيارات في أول تجربة في عام 1939 من قبل شركة باركارد، وحذت الشركات الأخرى حذو شركة باكرد بأن طورت أنظمة تكييف وأضافتها إلى سياراتها، حتى أصبحت نصف السيارات المبيعة عام 1969 مزودة بنظام تكييف.

طريقة تكييف السيارات قديماً

ففي ثلاثينات القرن الماضي، استطاع عدد قليل من الشركات توفير الهواء البارد داخل مقصورة السيارة، وذلك عن طريق إضافة مبرّدات ضخمة لتلطيف الهواء. وكان ذلك يتم بناء على طلب خاص من العميل، ويتطلّب تعديلات ضخمة في السيارة من حيث توفير المساحة والطاقة الكهربائية اللازمتين له.

وجاء الحدث الأكبر في 4 نوفمبر من عام 1939. عندما أُقيم معرض السيارات الأربعون بمدينة شيكاغو الأميركية، وفيه كشفت شركة السيارات الفارهة «باكارد» النقاب عن سيارتها الجديدة.

وقد شكّلت «باكارد» ثورة في عالم السيارات؛ إذ كانت أول سيارة مزودة بوحدة تكييف هواء من ضمن مكوناتها الأساسية ويعمل بنظامي التدفئة والتبريد، وسمّي وقتها «ملطف الجو».

مساحة المكيف كبيرة في سيارات الثلاثينيات

ومن الأمور الغريبة، التي صاحبت هذا التكييف، أنه كان يشْغل أكثر من نصف حقيبة السيارة خلف المقعد الخلفي. وكان الهواء البارد يصل إلى مقصورة الركاب من خلال القنوات التي ركبت بين المقاعد والنوافذ الخلفية.

تشغيل يدوي

ولتشغيل نظام التكييف، يفتح السائق غطاء مقدمة السيارة (البونيت- الكبوت)، ويوصل «السير» المتصل بضاغط تكييف الهواء، والعكس عند إيقاف تشغيله؛ إذ يضطر السائق إلى إيقاف السيارة وإيقاف المحرك، ومن ثم فتح غطاء مقدمة السيارة وفصل «السير» المتصل بضاغط تكييف الهواء.

وكان الهواء البارد يستمر في الخروج مع أي حركة، لعدم احتوائها على منظم للحرارة ذاتي (ثرموستات) وهذا كان من أبرز عيوبها، وتم التغلب عليه عن طريق التحكم اليدوي بإيقاف المروحة.

أتاحت باكارد تركيب هذا التكييف في السيارة بشكل اختياري مقابل 274 دولاراً، في الوقت الذي كان متوسط الدخل السنوي للمواطن الأميركي 1.368 دولاراً.

لم تلق الفكرة رواجاً عند الكثيرين، رغم ضمان شركة باكارد عملية تركيب وحدة التكييف. وكان البعض قد فسر ذلك ببدء الحرب العالمية الثانية.

اتهمت الصحف مكيف السيارة بقتل الناس لعدم تجديد الهواء داخل مقصورتها

وفي العام 1941 توقف إنتاج هذه السيارة وسط حملة مكثفة من الصحف الأميركية وعلى رأسهم «نيويورك تايمز»؛ لمناهضة مكيفات السيارات الباردة والساخنة بزعم أنها تقتل الناس بفعل عدم تجدد الهواء داخل مقصورة السيارة.

وكانت «نيويورك تايمز» نشرت آنذاك في صفحتها الأولى، خبراً مفاده أنّ استخدام مكيف الهواء داخل السيارات المغلقة، قد يؤدي إلى الوفاة، وفقاً لنظرية كانت تقول إنّ الهواء سيُصبح سماً قاتلاً في تلك الحالة. الأمر الذي تسبب بتوقف إنتاج هذه السيارة.

تطور المكيف للأفضل عام 1953

وبعد 12 عاماً، جاءت شركة «كرايسلر إيمبريال« Chrysler Imperial أي في 1953. وقدمت أول سيارة مكيفة بعد الانقطاع، وكانت أنظمة التكييف آنذاك من ثلاثة مستويات يمكن الاختيار بينها، ويمكن للمكيف التبريد من درجة حرارة 49° حتى 30° خلال 10 دقائق، وكان يمتاز بصغر حجمه وهدوء صوته.

قُدِّمت هذه السيارة للجمهور في الصحافة، ليس فقط كسيارة من أجل الراحة؛ بل أيضاً من أجل الخصوصية، فقد أصبح بمقدورك أن تصل لوجهتك دون فتح نوافذ السيارة واستقبال الضوضاء من الخارج، مع الحصول على هواء منعش ومصفّى بغض النظر عن حرارة الصيف أو برودة الشتاء.

استشراف مستقبل المكيف

وبعد خروج أول سيارة مكيفة للنور، استشرف مصنعو السيارات المستقبل، وتوقعوا أن يصبح التكييف أساسياً ضمن مكونات سيارة المستقبل الأساسية، وهي نبوءة أثبتت صحتها اليوم.

وجود المكيف الجيد يرفع من سعر السيارة المستعملة

وأشارت تقارير المستهلكين آنذاك، إلى أنّ السيارات التي تستخدم مكيف الهواء فقدت غالونات أكثر من نظيراتها التي لا تحتوي على مكيف هواء، ليكتشفوا حينها أنّ القيادة مع فتح النوافذ، لا تؤثر على الاقتصاد في استهلاك الوقود، وفي عام 1969 أصبح أكثر من 54 في المائة من السيارات مزودة بمكيف، ليس فقط من أجل الراحة، ولكنها ترفع من سعر البيع للسيارة المستعملة.

وكانت قد كشفت دراسة سابقة، أنّ للمكيف فائدة صحية قيمة، وهو خفضه للتلوث داخل مقصورة السيارة بنسبة 34 في المائة عند تشغيله.