فورد وأجيليتي يقدمان لأول مرة فريقاً آلياً يضم شاحنة ذاتية القيادة و«روبوتين» لتوزيع البضائع

الشاحنة تقدم المساعدة للروبوتات بالخرائط والمعلومات لحظياً عبر الخدمات السحابية

 تسارع الشركات العالمية الزمن للتفوق والتقدم نحو تحديث ومكننة خدمات النقل السريع، عبر تخصيص شاحنات ذاتية القيادة، وروبوتات لتوزيع وتسليم البضائع المشتراة إلكترونياً للزبائن في الولايات المتحدة ودول العالم.

وقامت شركة فورد للسيارات الأمريكية بالتعاون مع شركة أجيليتي بتوفير هذه الإمكانية التقنية، وعرضتها أمام حشد من وسائل الإعلام.

توقفت شاحنة صغيرة ذاتية القيادة، في هدوء وثقة، أمام أحد المنازل، وانفتح بابها الخلفي الواسع الفتحة، وترجل منها (زوج) من الروبوت، كلاهما يسير على قدمين بخفة ومرونة وثبات، ومد أحدهما ذراعه الآلية داخل السيارة ليلتقط طرداً وزنه 20 كيلوغراماً، يضم أشياءَ متنوعة تخص صاحب المنزل، وتقدم الروبوت الأول حاملاً الطرد وصعد الدرج، بينما الروبوت الثاني يسير على مقربة ويمسح كل شيء من حوله، ويقدم المساعدة للروبوت الأول حتى يصل إلى باب المنزل قارعاً الجرس متحدثاً مع صاحب المنزل بشأن الطرد ومحتوياته، ويحصل على توقيع بالاستلام على هيئة فيديو يصور التسليم، ويحصل على بصمة بيومترية من صاحب المنزل، لتوثيق الاستلام، ويستدير عائداً بعد إلقاء التحية ليقابله روبوت الدعم، ثم يعود الاثنان إلى الصعود للسيارة، التي تغلق الباب وتتحرك تلقائياً لتكمل مهمتها.

هذا بالضبط ما ظهر خلال عرض حي لفريق آلي ذكي متخصص في توزيع الطرود والبضائع على المنازل ومقار الشركات، يتكون من شاحنة ذاتية القيادة أنتجتها شركة «فورد» لصناعة السيارات، و(زوج) من الروبوتات الآلية المتقدمة أنتجتها شركة «أجيليتي» لصناعة الروبوتات. وقدمت الشركتان هذا العرض أمام جمهور من الخبراء والصحافيين خلال فعاليات معرض الإلكترونيات الاستهلاكية المنعقد حالياً في لاس فيغاس، استناداً إلى وقائع التشغيل التجريبي المحدود لهذا الفريق بمدينة ميامي الأميركية، بحسب ما ذكر موقع الإمارات اليوم.

ونقل موقع «ذا فيرج» المتخصص في التقنية، وقائع العرض الخاص بهذا الفريق الآلي، مصحوباً بتقرير مطول حول كيفية تكوينه، وما يحمله من دلالات، مشيراً إلى أن تشكيل الفريق على هذا النحو يمثل سابقة تعد الأولى من نوعها في صناعتي التقنية والسيارات، فيما يخص نظم توزيع البضائع والطرود.

مركبة مشتركة

وفى هذا الفريق، تشكل السيارة ذاتية القيادة والروبوت، بيئة عمل مركبة مشتركة، يكمل فيها كلاهما الآخر على نحو وثيق، فالسيارة ذاتية القيادة المحملة بالطرود والبضائع كانت تواجه عقبة صعبة، تعوقها عن الانطلاق في العمل كآلية من آليات تجارة التجزئة، وهي «مشكلة الـ50 متراً الأخيرة»، أو المسافة التي تفصلها عن مكانها بالطريق، ومكان تسليم البضائع والطرود على عتبة الباب، فهي لا تستطيع صعود الأرصفة والسير عليها، ولا تستطيع صعود الدرج أو السلم الخارجي.

وواجهت الشركات العاملة بقطاع تجارة التجزئة، مثل «أمازون» هذه المشكلة وتعاملت معها عبر الروبوتات الصغيرة التي تسير على عجلات وتنتظر السيارة ذاتية القيادة في أماكن محددة، لتتسلم الطرود والبضائع وتمضي بها خلال الـ50 متراً الأخيرة، أو لمسافات أطول بكثير. لكن هذه النوعية من الروبوتات لا تستطيع أيضاً صعود السلالم، وغيرها من العقبات الأخرى الصعبة خلال السير، فضلاً عن أنها تحتاج إلى إدارة يتدخل فيها البشر، لضمان التقائها بالسيارة ذاتية القيادة التي تجوب الشوارع الرئيسة السريعة.

ولتفادي هذه التحديات، عمدت «فورد» إلى اتباع نهج مختلف، وهو تشكيل بيئة عمل تضم السيارة والروبوت منذ البداية للنهاية، ويكون فيها الطرفان بمثابة فريق، يقدم الدعم للآخر طوال الوقت، فضلاً عن أنها اختارت الروبوتات التي تسير على قدمين كالبشر، وليس الروبوتات التي تسير على أربع عجلات، ليصبح الأمر عملياً وقريباً من الواقع الفعلي، في حال فرق التوزيع من البشر.

 ولتنفيذ هذا التصور، عقدت «فورد» اتفاقاً مع شركة «أجيليتي» لتصنيع روبوتات من النوع الذي يسير على قدمين، واشترت فعلياً زوجاً من الروبوتات يحملان اسم «ديجيت»، يبلغ طول كليهما خمسة أقدام، وقادرين على التنقل عبر البيئات الحضرية، وجرى تهيئتهما للعمل مع شاحناتها وسياراتها الصغيرة ذاتية القيادة، المستخدمة في التجربة الجاري تنفيذها بمدينة ميامي مع سلسلة محال «دومينوز» لتوزيع وجبات البيتزا.

الشاحنة والروبوتات

وأجرت «فورد» تعديلات على الشاحنة، بحيث تستوعب مكاناً مخصصاً للروبوتين، وأيضاً مقابس لشحنهما بالطاقة من الشاحنة أولاً بأول، مع وحدات لربط أنظمة المعلومات التي تشغّل الروبوتات، بأنظمة المعلومات بالسيارة، لكي يتم تبادل المعلومات المتعلقة بالطرود وأماكن توزيعها، وربط الاثنين معاً بمركز تحكم واحد داخل السيارة، يتصل بدوره بخدمات الحوسبة السحابية الخاصة بكل من «فورد» و«أجيليتي»، والشركات التي يجري توزيع منتجاتها.

أما الروبوتات العاملة في الفريق، فقد جرى إعادة تصميمها لتكون قادرة على الصعود للشاحنة، وطي نفسها في المكان المحدد لها، ووصل نفسها بمصدر التغذية بالطاقة، وربط نفسها بمركز التحكم بالسيارة، للحصول على المعلومات الخاصة بكل مهمة تقوم بها. ووفقاً لخطة التشغيل الموضوعة للفريق، فإن كل روبوت له مهمة تختلف عن الآخر، فأحدهما يقوم بحمل الطرود والبضائع والسير بها لتوصيلها فعلياً، فيما يقوم الثاني بعملية الدعم والإسناد بالمعلومات والبيانات والأوامر اللازمة التي يحتاجها الروبوت الأول في مهمته.

السيارات ذاتية القيادة والروبوتات

قدمت نائب الرئيس للبحوث في «فورد»، كين واشنطن، مزيداً من الإيضاحات حول المشروع، قائلة: إن الشركتين على قناعة بأن السيارات ذاتية القيادة والروبوتات لديها الكثير لتتعلمه من بعضها بعضاً، فالروبوت يحل مشكلة الـ50 متراً الأخيرة، والسيارة تحل مشكلة توفير البيانات والطاقة للروبوت، فهو يستفيد من معرفة السيارة بالخرائط وبالبيئة المحيطة، وبالتالي معرفة أفضل طريق إلى الباب الأمامي للعميل، كما يستفيد من السيارة كمرفأ أو بنية تحتية تمده بالكثير مما يحتاجه، كمكونات وأدوات وأجهزة استشعار متقدمة وحوسبة ثقيلة، خصوصاً بطارية الطاقة، الأمر الذي يجعله يتخلص من بعض وزنه، ويصبح خفيفاً قادراً على الحركة الديناميكية السهلة السلسة السريعة.