هكذا قدت سيارتي مع السعوديات

عزيزة حلاق

حصلت الإعلامية المغربية عزيزة حلاق على رخصة السياقة بسهولة، ومن أول اختبار، كان ذلك منذ ما يزيد على العشرين عامًا، كانت شغوفة بهذه التجربة، لكن بعد شهور تعرضت لحادثة سير أثرت في نفسيتها كثيرًا؛ إذ أصبحت يداها ترتعشان كلما أمسكت المقود، ثم أصابتها فوبيا القيادة.

تتابع عزيزة: "زادت مخاوفي مع تزايد حوادث السير، ورعونة الكثير من الرجال الذين يتهكمون على النساء اللاتي يقدن السيارات، وعدم احترام قوانين السير.
مرت سنوات عديدة، اكتفيت خلالها بالاتكال على الآخرين؛ لتوصيلي، أو باستعمال وسائل النقل العمومي، إلى أن قررت يومًا اقتناء سيارة، والتدرب من جديد على السياقة، لكنني لم أفلح في تجاوز الخوف الذي سكنني. اعتمدت على ابن شقيقتي؛ لكي يتكفل بقيادة سيارتي، وهو الذي ولد في السنة نفسها التي حصلت فيها أنا على رخصة القيادة!! إلا أنني لم أكن مرتاحة للوضع، كنت أربك مواعيده، وأحيانًا أضطر إلى تأجير تاكسي، وأترك السيارة مركونة أمام بيتي. شعرت بالحزن على نفسي، ومن عدم قدرتي على اتخاذ زمام الأمور وقيادة سيارتي بنفسي.

مغامرة
تستدرك عزيزة: "مع بداية أيام رمضان هذا العام، وبدون تخطيط مسبق، اتخذت القرار بأن أغامر وحدي وأقود السيارة، اخترت توقيت أذان المغرب بالضبط، ربطت حزام السلامة، وأدرت المحرك، وضعت قدمي اليمنى على (الفرامل) وضغطت عليها لتشغيل السيارة، تم نقلت قدمي اليسرى إلى دواسة القابض، التي تتحكم في مستوى تغيير السرعة، مع التأكد أولاً من وضع ناقل الحركة، شغلته من النقطة الميتة إلى السرعة الأولى وانطلقت... كانت لحظة تاريخية بالنسبة لي.. أنا وحدي في السيارة، وهي تسير بالفعل... والأجمل أنه لا وجود لسيارة أخرى في الشوارع ولا سيارة، وكأن المدينة خلت من سكانها، الأضواء خضراء حسبتها ترحب بي، وتشجعني على السير دون توقف، لا أثر لشرطة المرور في النقط الدائرية، كنت في حالة شعور بين الخوف من هذا الصمت الرهيب والاعتزاز بأنني سيدة المدينة؛ أسوق سيارتي وأجول في  شوارعها وحدي، ولا أصدق بأنني وراء المقود. أحسست بالفخر، استحضرت كلام صديقتي، التي كانت دائمًا تعيب على خوفي من القيادة، وتقول لي جملة كانت ترددها: «السياقة فن الانتباه».  
دامت الرحلة من مقر مسكني بمدينة سلا، حوالي عشرين دقيقة، وصلت فيها إلى منزل شقيقي بمدينة الرباط، ركنت السيارة بمهارة، لم أشعر بأي توتر أو قلق. والغريب أنني لم أنتظر كثيرًا، مباشرة بعد الإفطار، عاودت التجربة وخرجت في رحلة ليلية نحو الشاطئ، حينها أحسست بأنني تخلصت من نوبة الهلع والتوعك والخفقان والارتعاش، التي كنت أعاني منها بمجرد التفكير في قيادة السيارة. واليوم يمكن أن أفتخر بأنني تخطيت «فوبيا السياقة»، وبدأت أنخرط تدريجيًا أنا أيضًا في الزحام اليومي، وأشعر بمواطنتي الكاملة وأنني السائقة الأولى والأخيرة.