الدرباويات على درب الخطر... الأسباب والعلاج

لم ينته المجتمع السعودي من وجود ظاهرة الدرباويين، وقد كافحها بشتى الطرق، حتى تظهر الدرباويات من الفتيات بنفس طريقه الدرباويين، وحتى الآن ليست بظاهرة للدرباويات.

والدرباوية هو مصطلح يتردد بين الشباب، وهو يعني «سالكو دروب الخطر»، وهو شخص لا يهتم بمظهره ويتعمد الخروج بثياب متسخة وملطخة ببقع زيت أو بقع أخرى، يقودون السيارة بشكل جنوني ومتهور، يتجمعون بأماكن يحددونها بينهم ويغلقون الشارع، ومن يطلب منهم الابتعاد يتعدون عليه بالضرب أو التخويف، وأن مخاطر وجود درباويات ينذر ببداية خطر قادم خاصة أن من يقوم بممارستها هم فئة المراهقات.

مواقف من درباويات

يقول محمد إبراهيم: قمت بتوصيل فتاتين عبر تطبيق التوصيل المعروف، وبعدما ركبتا معي طلبتا مني أن أنزل إلى محل معين لشراء غرض ما، وبعد أن خرجت من المحل لم أجد السيارة، وقد لاحظت عليهما حركات غريبة قريبة من حركات الدرباوية».

أما سمية عسيري فتقول مررت أنا وزوجي بسيارتنا بشارع ووجدت فتيات أوقفن سيارتهن بنصف الشارع متجمعات واقترب منهم زوجي بسيارته، وطلب منهن بأدب الابتعاد عن الطريق؛ حتى نستطيع أن نسير فيه فغضبن وكنَّ سيضربنه، وهن يتكلمن معنا بصوت مرتفع وبطريقة سيئة بنفس طريقة «الدرباوية أو «العربجة» قائلات: «ماراح نبعد ودبر نفسك ومر بسيارتك ولا غير الطريق ولا أشوفك تكلمنا» ، فخفنا منهن وغيرنا الطريق حتى نبعد عن الشر،

وأشارت إلى أن إهمال الأسرة والمدرسة في متابعة البنات وعدم مكافحتهن لهذه الأمر الجديد على الفتيات وتحقق الأهل من سلوكياتهن وأماكن وجودهن؛ حيث لا بد من المتابعة والتوعية؛ حتى لا تزيد وتكثر بين الفتيات».

الأسباب والعلاج قبل أن تصبح ظاهرة

أوضح لـ«سيارات سيدتي» الدكتور تركي حسن أبو العلا وكيل كلية خدمة المجتمع والتعليم المستمر للشؤون التعليمية، والأستاذ المشارك بقسم الخدمة الاجتماعية بجامعة أم القرى فقال: «يعيش المجتمع السعودي في حالة واسعة من التنمية والتقدم والذي غالباً ما يصاحبه مجموعة من المشكلات والظواهر الاجتماعية، ولعل من أخطر الأمور الاجتماعية السلبية التي ظهرت في الآونة الأخيرة هي ظاهرة (درب الخطر)، وهو المصطلح الذي انطلقت منه ظاهرة الدرباوية، والتي تعد من أخطر الظواهر الاجتماعية؛ كونها ظاهرة سلبية تضم مجموعة من الجماعات المنظمة الذين يعبرون عن سلوكياتهم بالخروج عن المعايير والقوانين الاجتماعية والدينية والأخلاقية، وذلك من خلال ممارسة انحرافات خطيرة ومدمرة للمجتمع، كتعاطي المخدرات والمؤثرات العقلية، التفحيط، السرقة، الجرائم الأخلاقية وغيرها.

ابتداء ظاهرة الدرباوية

وأضاف أبو العلا أنه من الضروري الإشارة إلى أن ظاهرة الدرباوية ليست وليدة المجتمع السعودي، كما يعتقد البعض فقد بدأت هذه الظاهرة من دول الخليج، وامتدت إلى أن ظهرت في المجتمع السعودي. وتكمن خطورة الظاهرة في كونها سريعة الانتشار وتضم شباباً تتراوح أعمارهم ما بين 15 إلى 23 تتميز بالغموض والسرية، وهي شبيهة بعالم العصابات الإجرامية المنظمة حسب ما ذكرت بعض الدراسات الاجتماعية الميدانية في هذا المجال.

وأكد أبو العلا أن ظهور الدرباويات يعتبر أمراً جديداً كون أن قيادة المرأة للسيارة في المجتمع السعودي لم تبدأ إلا مؤخراً. ولعل من أهم الأسباب الاجتماعية والنفسية لظهور هذه الظاهرة هي (الفضول وحب الاستكشاف، البحث عن الشهرة، الفراغ، أصدقاء السوء، ضعف الوازع الديني، التقليد الأعمى ومحاكاة الزملاء، سوء التنشئة الاجتماعية، إهمال الوالدين وغيرها)، وبالنظر في الأسباب النفسية لهذه الظاهرة يعتبر أن: (الدلال الزائد أو القسوة الزائدة والشعور بالدونية ومحاولة لفت الانتباه والصراع النفسي والتعبير عن الذات، وحب المغامرة، والاضطرابات النفسية كالشخصية العدوانية والشخصية السيكوباتية التي تسعى إلى التخريب والتدمير وإثارة الرعب وغيرها)؛ أحد أهم الأسباب النفسية في هذه الظاهرة.

وأشار إلى أن العلاج لمثل هذه الظواهر الاجتماعية لا بد من تضافر الجهود بين جميع الجهات الأمنية والمعنية بهذا الاختصاص، وذلك من خلال إيجاد بدائل ونواد مفيدة للشباب لاستثمار طاقات الشباب والشابات وتوظيف مهاراتهم وإمكانياتهم فيما يخدم الوطن والمجتمع. تقديم برامج توعية للأسر للقيام بدورها التربوي بالشكل المطلوب، توجيه الآباء والأمهات لمراقبة تصرفات أبنائهم، استغلال مراكز الشباب وتفعيل دور مراكز الأحياء لاستغلال أوقات الفراغ لدى الشباب، مواجهة مظاهر التعصب القبلي، استثمار برامج النشاط الطلابي داخل المدارس لتقديم برامج وقائية وعلاجية، تفعيل الأحكام والعقوبات بشأن المخالفين للأنظمة المرورية، تكثيف الحملات التوعية والدورات التدريبية للتعامل مع هذه الظاهرة. عمل البحوث والدراسات الميدانية على هذه الفئة من الشباب والشابات، تكثيف دور وسائل الإعلام والمؤسسات الدينية للحد من هذه الظاهرة.

والجدير بالذكر أنه تم تقديم دورة بعنوان «قيادة المرأة فن وذوق وأخلاق» العام الماضي؛ حيث هدفت الدورة إلى توعية الشابات المقدمين على قيادة السيارة بأهمية احترام الأنظمة المرورية والذوق العام، كما هدفت إلى تنمية المهارات النفسية والاجتماعية المرتبطة بقيادة المرأة للسيارة وطرق التكيف والتوافق النفسي والاجتماعي مع هذا التغير الاجتماعي.